محمد إبراهيم وزير الداخلية
تسود حالة من الغضب والتذمر بين ضباط وزارة الداخلية ما بين متحفظ ومعارض ومعارض بشدة وغير مصدق، وما بين علامات الدهشة والاستنكار والضحك بشكل هيستيرى، جاءت ردود أفعال وزراء الداخلية السابقين وقيادات أمنية رفيعة وخبراء أمنيين على ما انفردت «الوطن» بنشره فى عدد الأمس حول تفاصيل خطة الإخوان للسيطرة على وزارة الداخلية ونسف هيكلها الحالى بالكامل من خلال إنشاء ما يسمى «الهيئة العليا لتطوير الأداء الأمنى» وإلغاء أكاديمية الشرطة وقصر الالتحاق بالكليات الشرطية التى سيجرى إنشاؤها فى الأقاليم على خريجى كليات الحقوق فقط وهو ما أثار ضجة وردة فعل مدوية فى أروقة وزارة الداخلية وبين أوساط الضباط.
اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية قال لـ«الوطن»: «مش قلنا خلاص إن مافيش أخونة.. الوزارة مهما حدث ستبقى ملكاً للشعب بكل طوائفه ولن تكون حكراً على فصيل معين مهما كان.. الأخونة تعنى إن إحنا نمشى ونسيب الوزارة لناس تانية تيجى تديرها ومفيش حاجة من دى هتحصل طبعاً ثم أنا مش شايف أى أمارات أو علامات على كده»
ومعقباً على إمكانية إلغاء أكاديمية الشرطة، قال الوزير: مفيش حاجة اسمها تتلغى لكن فيه تطوير وده شىء منطقى ومطلوب فى أى مكان فى الدنيا.. لكننا فى النهاية جهاز أمنى نمارس عملنا باحترافية دون أى انتماءات حزبية والطلاب بنربيهم على كده وهيفضلوا كده ورئيس الجمهورية لا يشغل باله سوى بأمن الوطن والمواطن.
وموضحاً: إحنا كوزارة الداخلية من نفسنا بنسعى للتطوير بدليل أن لدينا خطة أو استراتيجية لذلك وسنبدأها بحوار مجتمى قريباً
«يعنى إيه.. مينفعش طبعاً» هكذا علق اللواء محمد إبراهيم يوسف وزير الداخلية الأسبق، وأضاف أنه يرى أن تستمر أكاديمية الشرطة على وضعها الحالى مع إمكانية إنشاء كليتين واحدة فى جنوب الصعيد وأخرى فى الدلتا للتيسير على الطلاب الذين ينتمون لهذه المناطق، أما إلغاؤها فهذا أمر لن يكون فى صالح الجهاز الأمنى ولا الحالة الأمنية فى البلاد.
وأكد إبراهيم أن فترات الدراسة المقترح اختزالها فى 6 أشهر أو حتى سنة لن تكون كافية على الإطلاق لتخريج ضابط شرطة بلياقة نفسية وبدنية وأمنية كافية لمواجهة التحديات والظروف الأمنية فى الشارع.
واستغرب اللواء أحمد البدرى، مساعد أول وزير الداخلية مدير أكاديمية الشرطة مما يثار فى هذا الصدد وقال: «أنا أول مرة أسمع الكلام ده.. ده حقيقى فعلاً معنديش فكرة نهائى ولا حد قال لى حاجة».
وتابع: أكاديمية الشرطة أكبر صرح تعليمى فى مصر والعالم كله وأنا لا أبالغ بقول ذلك لأنها من أكبر الصروح فعلاً ولها سمعة دولية متميزة.
وتساءل البدرى عن جدوى حرمان طلاب الثانوية العامة من الالتحاق بكلية الشرطة ولدينا القسم الخاص الذى يستقبل الحاصلين على مؤهلات عليا وبالتالى إحنا معندناش أزمة فى كده.
وأضاف بنفس التساؤل: إيه المردود اللى هيعود علينا من كده.. إيه الهدف من كل ده فى النهاية؟ مشيراً إلى أنه ينبغى دراسة ذلك الأمر بجدية وأن تكون النتيجة النهائية فى صالح مصر والمؤسسة الأمنية.
وشدد البدرى على ضرورة خضوع تلك التصورات لدراسة جدية ومستفيضة تأخذ حقها من الدراسة الجادة حتى يتسنى إحداث التطوير المنشود دون أن نحققه على حساب المنظومة الأمنية بوجه عام.
اللواء نشأت الهلالى، المدير الأسبق لأكاديمية الشرطة أجاب «الوطن» بقوله: «عادى وإيه يعنى؟» وتابع: أعتقد أن الهدف من وراء ذلك تقليل تكلفة الدراسة فى كلية الشرطة وسد العجز الموجود فى أعداد القوات أو الضباط تحديداً.
وموضحاً: على فكرة ده كان شىء مطروح من فترة وكان بيتأجل كل مرة لكن قبل تطبيقه ينبغى إخضاعه لدراسة متأنية ثم إقناع الرأى العام بجدواه لأن الموضوع عايز تبرير قوى حتى يتقبله رجل الشارع، فينبغى أولا إخضاع هذا المشروع لأعلى مستوى من التقييم والدراسة قبل إقراره.
وحول إمكانية «أخونة الشرطة» بهذه الطريقة، رد الهلالى أعتقد أن الجميع حتى فى جميع دول العالم متفقون على ضرورة الإبقاء على عدد من الوظائف بمنأى عن الانتماءات الحزبية والسياسية وخاصة قطاعات مثل الشرطة والجيش والقضاء.
وأضاف أنه لكى ينجح هذا المشروع، ينبغى تطبيق أعلى شروط القبول من بين خريجى كليات الحقوق والحرص على الاختيار وفق شروط بدنية ونفسية وطبية وجنائية صارمة ولذلك يجب أن تتم دراسة تلك الأمور باحترافية.
من جانبه، قال اللواء فؤاد علام، وكيل جهاز أمن فى جهاز أمن الدولة إن هذا المشروع لن يحقق أى أهداف أمنية لأن طلبة كلية الشرطة يدرسون لمدة 4 سنوات لتأهيلهم بدنياً ونفسياً وقانونياً وشرطياً والمواد القانونية لا تتعدى ضمن هذه المناهج نسبة من 20% إلى 25%.
وأوضح علام أن فترة الدراسة المتبعة حالياً هى المعتمدة فى كل كليات الشرطة فى العالم والتقليل منها أو اختصارها سيؤدى إلى خروج ضابط شرطة مشوه.
وضرب علام مثلاً على ذلك بقوله إن دوريات الخيل الأمنية فى المراكز والقرى تحتاج إلى إعداد الضابط الذى يكون مؤهلاً لركوب الخيل لفترة لا تقل عن 6 أشهر فضلاً عن أن التدريبات على إطلاق النار واستخدام السلاح تحتاج حسب المعايير العالمية إلى فترات تدريب تتراوح ما بين 150 و 200 ساعة، ومن الناحية الطبية لا يمكن بأى حال من الأحوال إعداد الطالب فى هذه الفترة القصيرة.
وأكد علام أن هذا النظام تم تطبيقه فى الخمسينات فيما كان يعرف وقتها بـ«معاونى الإدارة» وأثبت فشله بشكل كامل مما استدعى إلغاءه فى بداية السبعينات.
ورفض علام ما يقال عن كون ذلك خطة إخوانية للسيطرة على الوزارة، وبرر كلامه بقوله: مفيش حاجة اسمها أخونة الداخلية دا حلم مش هيتحقق ولو حاولوا رجالتهم هيدوبوا فى الوزارة.
واكتفى اللواء محسن حفظى، مدير أمن الجيزة الأسبق ومحافظ الدقهلية سابقاً بالتعليق واصفاً ما يحدث: «ده كلام تهريج ومسخرة.. مفيش حاجة فى الدنيا كلها اسمها كده.. إيه هنعمل كليات لتخريج ضباط فشلة.. هو ده الهدف؟».
وهو ما أكده الرائد باسم الشماع، عضو نادى ضباط الشرطة تحت التأسيس وقال: «طبعاً تهريج وأخونة للوزارة.. مش ممكن ده يحصل لأن الهدف منه تسليم الكلية للإخوان والتيارات الإسلامية».
وقال اللواء عبدالله الوتيدى، مساعد وزير الداخلية سابقاً إن مشروع تطوير وزارة الداخلية كما يروجون له لن يكون قادراً على تخريج ضابط شرطة قادر على التوافق مع الوضع الميدانى فما بالنا بالجريمة التى تتطور كل يوم بل وكل ساعة والمطلوب من الضابط أن يواكب تطورها بل ويسبقها.
أما العميد محمود قطرى، الخبير الأمنى، فقد بادر بقوله: «يا نهار أسود.. الكلام ده بجد؟ ده معناه تسليم الوزارة على المفتاح للإخوان» وموضحاً حديثه بقوله إن هذا يعنى أنه بإنشاء الهيئة العليا لتطوير الأداء الأمنى التى سيترأسها رئيس الجمهورية سيكون وزير الداخلية «مجرد نفر» فى الوزارة، علاوة على أن فترة الإعداد أو الدراسة لن تكون كافية حتى لإعداد خفير أو حتى عسكرى مرور، لافتاً إلى أن التطوير مطلوب لكن مش بـ«الهبل ده».
كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!