الأخبار المصرية والعربية والعالمية واخبار الرياضة والفن والفنانين والاقتصاد من موقع الاخبار طريق الاخبار

الاخبارالاخبار العربية والعالمية › البرادعي في أول حوار شامل مع الشروق (3-3): في مصر بشر يعيشون تحت مستوى الحياة الإنسانية

صورة الخبر: محمد البرادعى
محمد البرادعى

لم يكن البرادعى متحمسا لفكرة الرد على ما ورد على لسان أو بأقلام إعلاميين وسياسيين فى الحزب الحاكم أو خارجه بغرض الإساءة إليه.
رأيه أنه لا يعتبر نفسه فى موقع الدفاع، بل العكس تماما، ولديه أسبابه وحججه، وأولها التشجيع الذى أبداه عدد كبير من قيادات الأدب والثقافة فى مصر والتفاف تيارات سياسية وشعبية حوله وحول ما ينادى به أو يدعو إليه.
تأكيدا لحجته من دون قصد أو ترتيب مسبق، وقعت منافسة دافئة وراقية بين ثلاثة شبان كانوا يتسابقون على خدمة المائدة التى جلسنا إليها نتناول عشاءنا ليلة وصولى إلى فيينا.

منذ لحظة دخولنا المطعم، رأيتهم يندفعون نحوه يساعدونه فى خلع البالطو والكوفية وثلاثتهم يتحدثون فى آن واحد عن سعادتهم بأنه قرر زيارة المطعم الذى يعملون به هذه الليلة. قال كل منهم بلهجته الخاصة إنه يتابع تصريحاته عن الديمقراطية وحرية الانتخاب وحرية المواطن، وأقول بلهجتم الخاصة، لأن واحدا منهم كان من الجزائر والثانى من تونس والثالث من مصر. التفوا جميعا حوله طوال السهرة، ولم يتركونا إلا للحظات يعودون بها مكررين على أسماعنا كيف أنه صار محور حديث المجموعة العربية العاملة فى هذا المقهى وفروعه المنتشرة فى أحياء أخرى من فيينا.


***
قال خلال المقابلة إن المشكلة ليست فى أن البعض افترى كذبا وليس هذا ما أقلقه، ما أقلقه بل وأفزعه أن هذه الأكاذيب جاءت لتؤكد له عمق الانهيار الذى أصاب منظومة القيم فى بلادنا، وأضاف: «إن الشىء الأساسى الذى اختل بشكل واضح عندنا هو القيم الأساسية. أصبح الدين طقوسا وليس جوهرا».


كلنا نشأنا، «مسيحى أو مسلم»، على القيم المشتركة، الصدق، الأمانة، تقديس العمل، السماحة، التضامن الاجتماعى، المحبة، هذا كان الإسلام، لم تكن لدينا قيادة دينية تتكلم عن إرضاع الكبير، فى نفس الوقت كانت تكرمنى ملكة هولندا، ويجلس إلى جوارى عالم كبير، نصر حامد أبوزيد، اضطر إلى الخروج من مصر لأن القضاء دخل إلى قلبه ووجد أنه ليس مسلما، وغادر البلاد. هذه كارثة.
«وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِى الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ»، هذا هو الإسلام كما نعرفه، «لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ»، هذا هو القرآن يوصيك بالكفار، فما بالك بالمؤمنين؟


لقد حولنا الدين إلى طقوس وفصلنا أنفسنا عن القيم وعن بقية العالم، اليوم حين يكون رجل مسلم اسمه محمد أو أحمد أو على، فهو يتجنب ذكر اسمه، يتعين عليه أن يقول أنا لا أنتمى إلى الجماعة الإرهابية. أصبح الجميع ينظر إلينا نظرة ريبة وشك، لماذا؟ لأن العالم كله يرى صورة الإرهابيين ملثمين ويبررون أعمالهم بالإسلام، ويحتاج الأمر منك إلى سنوات بعد ثبات هذه الصورة فى أذهانهم لكى توضح لهم صورتك، وأن تثبت أن ليس كل المسلمين إرهابيين.
والدى كان رجلا متدينا، يصلى ويصوم، الإسلام كان بالنسبة لنا فى البيت محبة وتسامحا وقدوة، تعلمنا كيف نتعامل مع الفقير، كان لوالدى أصدقاء فى سيدنا الحسين، منهم تاجر مينى فاتورة، صداقات عمر، صداقات طفولة، ما شعر يوما بالتعالى على هؤلاء، كان دائما يجتمع معهم فى محل واحد منهم ويذهبون لصلاة الجمعة أسبوعيا. منهم الأطباء ومنهم أصحاب المحال ومنهم التجار البسطاء، هذا هو الإسلام.


قاطعته لأسأله عن حقيقة قصة والده مع الرئيس السادات؟
فقال كانوا يقومون بوضع الميثاق القومى، وكان السادات رئيس مجلس الشعب حينئذ، وطلب والدى الكلمة ليقول إن مصر لابد أن تسير نحو نظام ديمقراطى متعدد الأحزاب يضمن حرية الصحافة، والسادت قاله له، السيد العضو مدتك قد انتهت، فرد عليه أنه لم ينته بعد من كلامه، فرفض مكررا أن مدته انتهت، وكان رد والده: «أود أن أسجل أننى انتزعت من هذا المقعد انتزاعا».
إذن منذ 49 سنة نحن نتحدث فى نفس الكلام، مازلنا نطالب بما كنا نطالب به من عقود، وهى حريتنا كشعب، فنحن لا نطالب بالكثير ولا القليل، نحن فقط نطالب بحريتنا كشعب.
فأنا أتذكر، أن بعد قصة والدى مع السادات، كان كثير من أفراد الشعب المصرى يخاف أن يسلم عليه. وكان كثير من الناس تخاف أن يكون هو المحامى الخاص بهم، أنا عاصرت كل هذه الأمور ورأيت يؤثر النظام البوليسى فى الشخص.

الجنسية السويدية
انتقل البرادعى تحت الإلحاح إلى الحديث عن اتهامه بالحصول على الجنسية السويدية؟ قال: «اتهمونى وقالوا ليثبت لنا أنه لا يملك الجنسية السويدية، تخيل أن أحدا يقول لك إنك رجل مجرم وبدون أن يكون معه قرائن على ذلك، يطلب منك أن تثبت له أنك لست مجرما، هذه قضايا سب وقذف.
لم يحدث فى أى وقت أن كان لدى أى جنسية غير المصرية، شنعوا فقالوا إننى كنت الأخير على دفعتى، هذا كذب، فأنا كنت التاسع على 34.
أما حكايتى مع العراق، فكان ردى عليهم ما جاء فى الوثائق الدامغة التى بعثت بها إليكم فى «الشروق» هؤلاء لا يقرأون الصحف الأجنبية، لا يعرفون ما كتبته الجرائد حين حصلت على جائزة نوبل، كتبت أن الجائزة كانت ركلة فى ساق بوش، لأنه تحداه فى موضوع العراق.
أنا أتصور أننى منعت الحرب فى إيران، لأن أمريكا حين أعلنت أن إيران لديها برنامج نووى قلت حينئذ «نحن لا نملك الوثائق التى تثبت ذلك.


****
كان البرادعى حريصا على امتداد اللقاء الذى سبق إجراء الحوار وخلال الحوار على ألا يذيع سرا عن عمله كمدير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إذ إن أكثر ما فى جعبته يتعلق بقضايا تقع تحت عنوان الأمن القومى لدول كثيرة، أو لمفاوضات حول مسائل استراتيجية خطيرة. ولذلك كان حذرا عندما عرضت عليه الإفصاح عن مزيد من المعلومات عن علاقته بكل من إيران والولايات المتحدة، بخاصة فى المراحل الأخيرة.
استجاب بقوله: «ما لا يعرفه الكثيرون فى مصر وخارج مصر أننى كنت الوسيط بين إيران وبين أوباما فى محاولة عقد اتفاق، لأننى من الأشخاص القلائل الذين يتمتعون بالمصداقية من قبل الولايات المتحدة وإيران». تعودت أن أعمل بحيادية، أحاول دائما أن أضع الحقيقة على المائدة لأتوصل إلى الحل السليم.


أدعو كل الذين هاجمونى عن دون علم أو معرفة بالذهاب إلى الانترنت ويتصفحون ويقرأون، الإيرانيون أنفسهم يقولون نحن نقدر ونحترم البرادعى، وهذا هو رأى الإدارة الأمريكية الجديدة فى نفس الوقت، ليست القديمة، فالقديمة كانت تحارب ترشيحى لفترة ثالثة، ولدى برقيات كان يرسلها لى أصدقائى من داخل الخارجية الأمريكية تحمل توجيهات من الإدارة القديمة بالتصويت ضدى.

علاقاتي بالعالم

ومن الاتهامات التى وجهها بعض من كتبوا فى أعقاب إعلانه رغبته فى الترشيح لمنصب الرئاسة الاتهام بأنه تجاسر وأعلن عن هذه الرغبة، وهو الذى لم يعمل بالسياسة، وبالتالى ليس مؤهلا للمنصب؟
يرد البرادعى بهدوء وثقة فى النفس قائلا: «لقد قابلت كثيرا من رؤساء وملوك العالم أوباما وشيراك وساركوزى، وتربطنى علاقات برؤساء أكثر من 50 دولة، هؤلاء لم أكن أتحدث معهم فى التفتيش، وإنما كنا نتكلم عن أدق المشكلات السياسية فى العالم، بالإضافة إلى ذلك فإن نصف عملنا ليس عمليات تفتيش وإنما تنمية».

أنا كنت أعمل فى المنظمة مع موظفين من 100 دولة، وأعمل مع أكثر من 150 دولة، وتوصلنا إلى إيجاد ما يسمى بأسلوب المساومة فوق العادة، وحين فزت بجائزة نوبل قيل عنى «المحامى الذى لا يخاف»، أنت لكى تتعامل مع 150 دولة مصالحها متعارضة، ولكى تشغل هذا المنصب يجب أن يكون لديك القدرة على تفهم مصالح كل دولة، ماذا تريد، قدرتك على أن تحقق توافقا، قدرتك أن تنظر إلى الصورة الشاملة، وماذا فى الإمكان وما ليس فى الإمكان.
***
لم يعرف البرادعى أنى التقيت زملاء له فى وكالة الطاقة وفى مؤسسات دولية أخرى قبل أن نعقد جلستنا الأولى فى فيينا، من هؤلاء سمعت عنه الكثير واخترت منه جانبا يتعلق بأسلوب قيادته للوكالة. اخترت ما قيل عن أن له «فراسة» فى الناس، يستطيع أن يقدر ويحكم على الشخصيات بسرعة ولكن بدقة بحيث لا يضطر إلى استخدام مساعدين ليسوا أكفاء أو على مستوى غير طيب من الأخلاق.

سمع البرادعى ما نقلته له عن زملائه فقال: «دائما أكرر أننى لم أكن أصل إلى ما أنا عليه الآن دون مساندة كل شخص، وهذا لا يمكن أن يصل إليه من غير أن يكون معه فريق عمل جيد، يتميز بمبادئ معينة». مازالت عندنا مشكلة فى العالم العربى، عندنا «الزعيم»، وهذه الكلمة اختفت من قاموس السياسة، العالم الآن يتحدث عن فريق عمل يشتغل سويا ولا يوجد كلمة الزعيم.

كذلك فرض منصبى علىّ سرعة اتخاذ القرار. كنت أتعرض كثيرا لمواقف يتعين أن أحدد على الفور ما هى الأشياء الهامشية وما يجب أن أركز عليه، كيف أشجع أعضاء الفرق الخاصة لكى يعملوا وأشجعهم قدوة وليس بالخوف.

فى نفس الوقت، هناك الثواب والعقاب، من يجيد تتم مكافأته ومن يخطئ يتعرض للعقاب، إدارة الدولة مثل إدارة المنظمة، فهى تقوم فى الأساس على فن الإدارة والقيادة. المشكلات قد تختلف، وإنما الأسلوب واضح.

أحوال مصر الآن

بدا مستعدا بالوثائق والإحصاءات والتقارير المصرية والدولية لحوار مطول عن الأمة المصرية فى حالها الراهن.

تحدث فأفاض: «عندما يقولون إننا لا نعرف مشكلاتنا، هذا غير صحيح، لأنه يكفى للشخص أن يضع قدمه فى مصر لمدة خمس دقائق ليعرف بعض أهم مشكلات مصر. لدينا 42٪ من الشعب المصرى يعيش تحت خط الفقر المدقع، أى تحت دولار يوميا، ووفقا لتقارير البنك الدولى، هناك شبه الفقير والفقير، 42٪ من الشعب المصرى لم يصل به الحظ أن يصعد إلى مستوى الفقر الموجود فى العالم، وهو أن يكون من ضمن ثلث البشرية الذين يعيشون على دولارين فى اليوم، مصر بها 42٪ من سكانها يعيشون فى الفقر الذى يعيش فيه المليار الأكثر فقرا فى العالم».

التعليم غير موجود فى مصر، التعليم الذى تستطيع من خلاله أن تنافس فى التنمية الاقتصادية غير موجود. فى تقرير التنافسية الدولية كان ترتيب مصر الـ70 نتيجة عدم كفاءة القوى العاملة فى مصر، وفى نوعية التعليم فى الحساب والعلم 128 من 134، وفى نوعية نظام التعليم 126 من 134، إذا كنا نريد أن نتنافس فلن نستطيع ونحن على هذا الوضع مقارنة بالإمارات التى تحتل المركز الـ23.

وفى تقرير التنمية البشرية الذى يقر بحق الإنسان فى صحة جيدة وأن يكون متعلما، وله دخل معقول، ترتيبنا نزل من 122 إلى 123، ووفقا لتقرير الشفافية ترتيبنا 111 بما يعنى حالة فساد هائل.

عمليا نحن لن نستطيع أن نسير إلى الأمام دون التغلب على الفقر فالفقر هو أقوى أسلحة الدمار الشامل، وهو مرتبط بغياب الحكم الرشيد وبالعنف وبالتهميش وبالحروب الأهلية. لذلك إذا كنت أريد أن أبدأ، يجب أن أبدأ بعلاج المشكلة الأساسية وهى الفقر. وهذا لن يتأتى إلا بالتعليم، والحكومة تصرف على التعليم ما لا يزيد على 4٪ من إجمالى الناتج المحلى. فى الوقت نفسه تركيا هذا العام يستحوذ التعليم على أكبر جزء من إجمالى الناتج المحلى. الصحة فى مصر لا تستحوذ إلا على 1.3٪ من إجمالى الناتج المحلى، لابد من تغيير أسبقياتنا، فأولوياتنا يجب أن تكون التعليم والصحة والحكم الرشيد والإدارة.

فى الـ30 سنة الماضية، معدل زيادة دخل الإنسان المصرى فى السنة 1.2٪، معدل مذهل، عندنا اختلالات هيكلية فى المنظومة الاقتصادية بالكامل، وضعف الادخار المحلى، تواضع معدل التراكم الرأسمالى وتدنى مساهمة القطاعات الإنتاجية الرئيسية الزراعة والصناعة وتواضع نوعية رأس المال البشرى، والتضخم والعجز المستمر فى الموازنة والدين المحلى الذى يبتلع أكثر من 43٪ من الموازنة.
كذلك وصلت البطالة إلى معدلات خطيرة ففى عام 2006، بلغ معدل البطالة 9.3٪، من بين النساء 25.1٪، ومن خريجى الثانوية 61.8٪، ومن خريجى الجامعة 26.8٪ مقابل 14٪ فى عام 2004.

يكفى أن نعرف أن الزراعة التى يشتغل فيها 27٪ من القوى العاملة تسهم بـ15٪ فقط من الناتج القومى، ولم تحقق سوى 1.8٪ معدل نمو فى الـ15 سنة الماضية فى الناتج القومى. لن نخرج من عنق الزجاجة إلا من خلال الإصلاح المؤسسى وضمن الإطار القانونى.

في إسطبل عنتر

قيل إنني لا أعرف الفقير المصرى، وقيل حين ذهبت إلى إسطبل عنتر، ذهبت كسائح. ذهبت إلى إسطبل عنتر لأننى كنت أريد أن أرى الفقير المصرى كيف يعيش. ولذلك قمت بترتيب مع زوجة أخى «عزة كامل»، لأنها تعمل فى مؤسسة خيرية حصلت على جائزة من أمريكا «ألوان وأوتار» وتقوم بتعليم الفقراء فى الدويقة الفن، وهى قناتى الخاصة لمساعدة أربعة ملاجئ.

ذهبت إلى إسطبل عنتر وزرت 40 عائلة منها عائلة تتكون من ستة أفراد يعيشون فى غرفة 2 متر فى 2 متر، بدون شباك. رأيت 40 فردا يعيشون فى بيت واحد ولديهم حمام واحد، يقضون حاجتهم فيه ويستحمون فيه. لا يوجد مياه هناك، ولكى يحصلوا على المياه يجب أن ينزلوا على طريق الكورنيش، ليحصلوا عليه، ولذلك قلت إن فى مصر بشرا يعيشون تحت مستوى الحياة الإنسانية، لم أذهب إلى كل العشوائيات، ولكنه كان يكفينى أن أرى عشوائية واحدة لأرى شكل مصر.

ولو ذهبت إلى الصعيد سترى الفقر فى قنا وبنى سويف والفيوم، أكثر بكثير من ذلك الذى رأيته فى إسطبل عنتر، القاهرة بها 81 عشوائية، بهم 8 ملايين شخص.

هذه العشوائيات، أريد أن أرى أحد المسئولين دخل عشوائية من هذه العشوائيات، يتكلمون عنى كسائح قمت بزيارة هذه العشوائية، فليقولوا لى اسم مسئول زار هذه العشوائيات. لو أنا فى يوم من الأيام وصلت إلى منصب رئيس الجمهورية أول مؤتمر صحفى سأقوم به سيكون فى العشوائيات، وأقول هذا حال البلد الذى استلمته وهذا هو المشوار اللى أمامنا، ولن أقوم بالمؤتمر من منزلى فى كومباوند أو قصر.

لا أطلب البيعة

تحدث البعض فى مصر عن أن البرادعى يطلب البيعة؟ يعلق قائلا: «هذا تفسير خاطئ فأنا لم أقل إنى سأرشح نفسى، بل قلت إذا قررت أن أرشح نفسى، فلابد أن نتوافق، ومازلت أقول إن رئيس الجمهورية فى مصر يجب أن يكون رئيسا توافقيا، بمعنى أن يستطيع أن يجمع الصفوف من جماعة الإخوان المسلمين إلى الأقباط.

المصالحة الوطنية، ليس معناها بيعة، وإنما لابد أن يكون هناك شخص يوفق بين جميع القبائل المختلفة. وهذا ما أسعى إلى تحقيقه سواء تم ترشيحى أم لا، ومازلت أقول نحن لا نريد رئيسا يقسم المجتمع، أو يمثل غالبية، بل بقدر الإمكان يمثل الكل، وكنت لا أتحدث عن نفسى فقط، أنا كان يجب أن أستجيب للمطالب والأصوات التى طلبت منى الترشيح لرئيس الجمهورية، وهذه لم تبدأ فقط الآن بل من سنتين، أسامة أنور عكاشة، محمد غنيم، بدأ بأفراد، ولكنها بدأت تزيد الآن، ولذلك يجب أن أستجيب، ولكننى قلت لن أدخل فى تمثيلية، وقلت إذا توافرت لى الشروط أن أدخل كمستقل سأدخل على الفور، وقلت سأدخل إذا كانت هناك رغبة وتأييد من الشعب.

ملامح هذه الرغبة الشعبية تنعكس الآن من الفيس بوك، ومن القراء، ومن الناس الذين أقابلهم ويتصلون بى ويبعثون برسائل.

أفضل التغيير السلمي

تردد أن بعض هؤلاء الناس سينتظرون فى المطار عندما يصل البرادعى إلى القاهرة فى رحلته القادمة ويبدو أنه لم يقرر بعد كيف سيتصرف إزاء هذا الاحتمال وقال: «لست أعرف وربما لا أريد، أنا أفضل أن النظام يأخذ بعضه ويمشى، تغيير سلمى، مثلما حدث فى بولندا وفى تشيكوسلوفاكيا، سأنزل إلى مصر كمواطن مصرى، ولا أستطيع أن أمنع مصرى يريد الترحيب بى».

أزفت ساعة الاستئذان للعودة إلى الفندق رغم أنه بدا مستعدا لجولات أخرى، وكانت فرصته ليؤكد فيها مضمون رسالته وهدفه واستعداده للتضحية. «أنا أتكلم وسوف استمر فى الكلام، أنا لى مصداقية، ما أستطيع فعله هو أن أعبر عن آرائى، ولا أستطيع أن أغير شيئا بمفردى، فأنا مع «قوة الحجة وليس حجة القوة» هذا هو ما أستطيع أن أعمله، هذه هى قدراتى، لكن لابد أن يساعدنى الآخرون، ولذلك فأنا أتوجه للأحزاب وللنقابات وللشعب أقول لهم جميعا إذا رأيتم أن ما أذكره يلاقى أصداء قبول عندكم ويمثل طريق خلاص لكم، إذن فأنا سأعمل وأجتهد لكى أحقق ذلك، سأكون فى المقدمة معكم، أو فى المؤخرة وراءكم.

إذا فعلت ذلك، ستكون تضحية من المنطلق الشخصى إذ لست فى حاجة إلى المادة، ولا محتاج لشهرة، ولا لأى شىء من ذلك، ومن المنطلق الشخصى، كنت أحلم بقضاء الوقت مع زوجتى، وإنما إذا فعلت ذلك فسيكون للصالح العام، فالواحد سينظر فى نهاية المطاف إلى عمره، ويشعر أنه قدم شيئا إلى بلده، ولكننى لا أملك عصا سحرية لكى أحققها وحدى.

والمسألة الآن فى رأيى ليست من الذى سيتم ترشيحه فى 2011. المسألة ما هى القيم التى يود المجتمع أن يعيش فى ظلها، وما هى رؤيته لما يجب أن يكون عليه فى 20 و30 سنة إلى الأمام؟، وهذا يستدعى أن أحدد مجموعة من القيم الأساسية فى المستقبل. وهذه القيم مصدرها الأساسى الدستور.

الدستور هو أبو القوانين، لماذا؟

لأنه هو الذى يحدد كيف يمارس شعب سيادته، وكيف يحمى شعب حقوقه، الشعب هو مصدر السلطة، كيف تمارس هذه السلطة ومن الذى يمارسها؟، كيف يتم توزيعها، ومن الذى يعطى الشعب، وهو مصدر هذه السلطات كلها، حقوقه فى أن يمارس سلطته.

ولذلك، إذا كنا نريد أن نبدأ بداية جدية فى مصر، يجب أن نبدأ من درجة عالية، وأنا تحدثت عن إزالة عوائق قانونية ودستورية، ولكن هذه أشياء وتعديلات ستساعدنا فقط على انتخاب رئيس فى ظروف نزيهة فى عام 2011، فالعملية ليست عملية ترقيع وإنما ماذا بعد هذا. هذه ليست عملية شخصية فقط، وإنما مصير وطن.

المسألة لا تتعلق إطلاقا بترشيحى رئيسا للجمهورية، أو من الذى سيترشح، أو من الذى سيفوز، المسألة الحقيقية هى ماذا بعد عام 2011؟ هذا ما يجب أن أعد له من الآن يجب أن يلتم الشعب المصرى مرة أخرى كأمة، من قوميين وإسلاميين وأقباط ويساريين، وكل هذه التقسيمات موجودة فى أى مجتمع، ولكن هناك أيضا قيما أساسية، حق الإنسان فى حياة حرة وكريمة.

مشكلات مصر موجودة فى 100 دولة أخرى نامية، غياب الحرية، سواء إدارة الاقتصاد، سوء توزيع الدخل، سوء العدالة الاجتماعية والحل معروف.

المرض مشخص، وإنما ما نفتقره هو الفريق الطبى الذى يستطيع أن يعالج المرض، فالمشكلة ليست فى تشخيص المرض وإنما فى كيفية العلاج. هذا يتطلب نظرة مختلفة خاصة.

هذا الكلام لن يتحقق ما لم تكن هناك حرية، والحرية ليست معيارا مطلقا، وإنما هى الحكم الرشيد، المبنى على التخطيط، وعلى اختيار الشخص الملائم فى الوقت الملائم، ومبنى أيضا على التزام بأنه إذا لم يحدث تطور، فالواجب يدعونا إلى أن نغير الفريق الطبى الذى يعالج الحالة.

***
انتهى اللقاء ولم يتوقف الحوار. خرجنا من دفئ البيت والعائلة إلى برد الشارع والثلوج المنهمرة. وعلي الهاتف تواصل الحوار وتبادلنا الوعود بلقاء آخر

المصدر: الشروق

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على البرادعي في أول حوار شامل مع الشروق (3-3): في مصر بشر يعيشون تحت مستوى الحياة الإنسانية (1)

ahmed kashef‏25 ‏ديسمبر, ‏2009

ان نقف مع د/ البرادعى
بخطوات عملية

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
5325

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

حمل تطبيق طريق الأخبار مجانا
استطلاع رأي طريق الأخبار
أرشيف استطلاعات الرأي

استطلاع رأي طريق الاخبار

أهم توقعاتك لمستقبل مصر بعد تنصيب السيسي؟

إظهار النتائج

نتائج استطلاع رأي طريق الاخبار لا تعبر عن رأي الموقع انما تعبر عن رأي المشاركين في الاستطلاع

إرسل إلى صديق
الأكثر إرسالا
الأكثر قراءة
أحدث الاخبار العربية والعالمية