طبعًا نظن أن كثيرين يعرفون قصة الولد الذى قال لأبيه: «يابا علمنى الهيافة»، قال له: «تعالى فى الهيفا واتصدر». والحقيقة أن الهيافة لم تعد مقصورة على الهواة والمحترفين، لكنها صارت ظاهرة عامة يتسابق إليها كل من هب ودب وهرى وأفتى. وآخر حدث هو قرار رئيس الوزراء بتحويل أوراق فيلم «حلاوة روح» بطولة هيفاء إلى الرقابة، لإعادة الحكم عليه، وهو قرار بدا مخالفًا للقوانين التى تجعل هناك جهات لها حق الإجازة والرفض فى السينما تسمى الرقابة.
وربما كان على رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب أن يترك هذا الموضوع، ولا يدخل فيه طرفًا، ويتركه للمتخصصين يتعاركون فيه، ويختلفون لينتهوا إلى حل، خصوصًا أن رئيس الوزراء أمامه الكثير من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، من فقر وعشوائيات وإدارة تحتاج لجهد. والحقيقة أن محلب يتحرك بالفعل، ويحاول المواجهة، ولا يكف عن الحركة والجولات الميدانية، وكان عليه أن يستمر فى طريقه، ويترك الفيلم لأصحابه.
ثم إن الصراع حول الفيلم سحب الأضواء، مع العلم بأننا فى عصر لا يمكن معه ممارسة المنع أو الحجب، بل ربما كان القرار الحكومى سببًا فى مضاعفة المشاهدة، مع ملاحظة أن الفيلم يواجه انتقادات وآراء تراه مجرد نسخة بائسة من أفلام أخرى، وأن «الأفيش» تقليد لـ«مالينا» الإيطالى، فضلاً على كونه محاولة تقليدية لاستخدام المشهيات المحفوظة للإيرادات. وبالفعل بعد الحديث عن منع وحجب، سوف يرُوج الفيلم، حدث من قبل مع «خمسة باب» وغيره، ولم تكن أفلامًا عظيمة، لكنها أثارت ضجة عظيمة. ومن متابعة ردود الأفعال النقدية والفنية، نكتشف أن الفيلم هو فى النهاية تكرار لضجة فارغة، ونقل الجدل إلى الهيافة، وهو جدل نراه حتى لدى من يعلنون رفض التدخل الحكومى فى الفن، وهم يرفضون الفيلم فنيًا، ووجدوا أنفسهم محامين فى القضية الخطأ، وغالبا ما تكون الامتحانات فى قضايا حرية الرأى هى نماذج فجة، لكن الهيافة هى التى تحول التافه إلى مشهور، وهذه الهيافة متوافرة حتى لدى من اضطروا للتعاطف مع فيلم ربما لا يوافقون على توجهاته.
أضف هذا الخبر إلى موقعك:
إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك
كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!